Freitag, 4. Januar 2008

النص الاول من المخطوط الاول من نصوص نجع حمادي الغنوصية

الغنوص
كلمة يونانية الأصل - جنوسيس - تعني المعرفة وهي تقابل مصطلح العرفان في التراث العربي والإسلامي، والغنوصية هي ظاهرة عالمية تقاطعت مع جميع الديانات القديمة والحديثة بدون أي علاقة سببية بينهما، أي إنها ليست نتاج الدين بل هي نتاج أوضاع اقتصادية واجتماعية في الأساس وحركة تمرد سلبية ضد مسببات هذه الأوضاع بإسقاط التناقضات الاجتماعية على التصورات الدينية، ورفض للخطاب الديني الرسمي الذي يختزل العلاقة بين الإنسان والله في النص المقدس بغرض الفصل بين الإلهي والإنساني، ويحتكر تأويل النص لما يخدم الحكم المطلق، لذا فهي ظاهرة حية دوماً

الغنوصيون إذاً يطالبون بعلاقة مباشرة ومتواصلة مع الله بدون وسائط بهدف خلق عالم مفتوح ومتسامح وربما كانت جماعة أخوان الصفا من القرن الرابع الهجري (العاشر ميلادياً) والتي تعتبر امتداداً لغنوصي العصر القديم أنقى مثال في المباشرة التي عبروا بها عن معارضتهم للدولة وللتأويل الرسمي للنصوص مبشرين بمجتمع جديد لخلق الإنسان الجديد المنفتح على جميع الأديان والمذاهب والذي يتمثل في ذاته كل العالم: " العالم الخبير، الفاضل الذكي، المستبصر، الفارسي النسبة، العربي الدين، الحنفي المذهب، العراقي الأداب، العبراني المخبر، المسيحي المنهج، الشامي النسك، اليوناني العلوم، الهندي البصيرة الصوفي السيرة، الملكي الخلاق، الإلهي المعارف، الصمداني
رسائل أخوان الصفا وخلان الوفا، ج2

قال عنهم الأسقف إرنايوس أسقف مدينة ليون في نهاية القرن الثاني الميلادي: من المستحيل العثور فيهم على أثنين أو ثلاثة يقولون نفس الشيء حول نفس الموضوع

فهذه المجموعات القلقة غير المتجانسة تميزت بخيال خصب وقدرة عالية على توظيف كل ما تطوله أيديهم من نصوص لما يخدم أفكارهم من كل الديانات والأساطير والفلسفات، لم يكن مرد الانتقاء والتلفيق للمزاج الشخصي، لكنه كان الشكل الوحيد المتاح للتعامل مع الثقافات المتنوعة التي أُجبرت على التعايش في ظل الإمبراطوريات الكبيرة الرومانية في العصر القديم المتأخر والإسلامية في العصر الوسيط أي إن الانتقاء تم بحكم الضرورة الاجتماعية. وقد أهلهم ذلك لدخول العالمية من أوسع الأبواب و لكونهم مسالمون غايتهم الله مبدأ كل شيء فبدو وكأنهم داعون لديانة عالمية من التسامح والمحبة
المخطوط الأول
النص الأول

صلاة بولس الرسول

هناك نصان يحملان اسم بولس الرسول ظهرا في المخطوطات النص الأول من المخطوط الأول والنص الثاني من المخطوط الخامس، بعنوان رؤيا بولس
لا شك إن ظهور بولس في نصوص نجع حمادي بوصفة غنوصي قد حير الكثير
هذا النص لم يكن معروفا من قبل وهو أول نصوص المخطوطات، النص على درجة كبيرة من الشبة بالصلاوات الهرمسية، وهو من النصوص التي صيغت من البداية بوصفها مسيحية. جميع جمل النص لغوياً في صيغة الأمر وهناك تقاطعات واضحة بين صلاة بولس هنا والنص الهرمسي الذي جاء في المخطوط الثالث عشر تحت عنوان جدارية ست الثلاثية

النص

دع نورك يأتيني، دع رحمتك تغمرني
أيها المُـخلص، خلصني فأنا لك وأنا من جاء منك
أنت الفهم لي، قربني منك
أنت كنزي، فلتفتح لي
أنت تملأني، خذني إليك
أنت السَكينة، اعطني الكمال الصعب المنال
لأتضرع إليك يا من أنت هو أنت
أنت الموجود الأول باسمك الذي يعلو كل اسم
من خلال يسوع المسيح
سيد الأسياد، ملك العوالم الأبدية
اعطني عطاياك، فهي لا تنقص منك شيئاً
من خلال ابن الإنسان ومن خلال الروح ومن خلال باراقليط الحقيقة
1
هبني القوة التي أحتاجها منك
اعطني القداسة لجسدي التي ألتمسها من المُرسل
خلص روحي النورانية الخالدة وذاتي
وأمط اللثام عن الوليد الأول للروح " بلروما" والرحمة في عقلي
وأمنح ما لم رأته ملائكة ولا سمعت به الأسياد
ولا يمحى من قلب الإنسان2
وما خلق على نحو ملائكي وما صور وفقا لصورة الرب الذاتية
التي صنعت منذ البدء
الإيمان والأمل يملأني أن تقبلني مع محبيك المصطفين
والعظماء المباركين والوليد البكري أول الخلق وسرك العظيم في بيتك ولتكن قوتك ومجدك والإكرام والعظمة إلى أبد الابدين
أمين

صلاة بولس الرسول
في سلام
المسيح القدوس

1
البارقليط: قراءة عربية للاسم اليوناني " باراكليتوس" والتي تعني المعزي، انظر: إنجيل يوحنا4، 26[1
" وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته"، وفي الأصحاح الخامس عشر من نفس الإنجيل، 26 " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي". جاء في كتاب ساويرس بن المقفع ان " ماني" كان يدعي أنه البارقليط المنتظر
2
" أنظر أيضاً رسالة بولس الاولى لأهل كورنوس، اصحاح 2، 9 . جاء أيضاً في انجيل توما المخطوط الثاني
" قال يسوع: سأعطيكم ما لم رأته عين وما سمعته أذن وما لم تلمسه يد وما خطر ببال إنسان
وقد جاء في الحديث القدسي: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" صحيح البخاري، باب صفة أهل الجنة الجزء الرابع صفحة 118، وكذلك الجزء الخامس صفحة 115