الجنس والتعبير عنه في مصر القديمة
أولا لغوياً
كان يطلق على الرجل الذي لم يدخل تجربة الذكورة بعد لفظ
عمعم , واعتقد ان التعبير على علاقة بعملية الختان التي بمثابة الولوج في عالم الرجال فقد كان يقال على من لم تجرى له عملية الختان لفظ عمع
وكان يطلق على البنت البكر لفظ عمعت
أما الرجل الشبق صاحب التجربة فهو نمنمي وأعتقد أن اللفظ مشتق من الفعل المصري القديم نمنم الذي يشير للحركة الكثيرة والهزات
أما زير النساء فهو: نكو واللفظ مشتق من الفعل نك الذي يشير لممارسة الجنس
أما الألفاظ الدالة على عضو الذكورة
نفر ومن الطريف أن نفس اللفظ " نفر " يشير إلى الجمال وفي العديد من قصائد الحب كانت تغني الفتاة لرجلها : وريني جمالك والتي ومن خلال اللعب بالالفظ قد تعني وريني عضوك
قرنت وهي كلمة كنعانية الأصل لكنها دخلت المصرية في عصر الدولة الحديثة كُتبت بطريقة المقاطع لعزلها عن النص
وكما كان يطلق على الخصيتين لفظ : سماتي
الألفاظ الدالة على عضو التناسل الأنثوي
إيوف وهي تعني أيضاً اللحم والجسد بشكل عام
شد
كما كان يطلق لفظ باجج للعضو ضعيف الانتصاب
الألفاظ الدالة على الفعل الجنسي: عاع يعشر ويقذف ومنه جاء اللفظ عاعت أي الحيوان المنوي وهو لُغوياً مؤنث، ويشير اللفظ عاع بشكل عام إلى كل إفرازات عضو الذكور لذا فإن التعبير يشير أيضاً لمرض البلهارسيا
هذا إلى جانب الألفظ التالية وكلها تشير لممارسة الجنس والقذف والتخصيب
بنن: ينكح، باي: ينط، بند: يخصب، منمن: ينكح، نوح: يعشر
رخ: يعشر، نهب: يعشر، نكيكي: يحبل، هد: هيجان جنسي، حاد: يثير
خنب: تستقبل ماء الرجل، سما: يضاجع امرأة، سنهب: التحضير للمعاشرة
دادا: ينكح، واللفظ مستعمل حتى الآن
واللفظ الأخير " ناك" هو اللفظ المستعمل حاليا دون الاعتراف به كتابتاً كأحد تجليات الوقار الكاذب الذي يغلف حياتنا ، فرغم أن اللغة العربية مدتنا بعدد كبير من الألفاظ مثل حرثها، ولامسها، ورفثها، وباشرها، ونكحها، وعرفها وعاشرها، وجامعها، إلى جانب ألفاظ الإفضاء والوطء والمتعة والسر والبُضع والتماس، لكن أغلب هذه الألفاظ حبيسة الخطاب الديني وأروقة المحاكم الشرعية والقواميس، أما في لغة الشارع اليومية تستخدم كلمات: ناك، وينيك، ومتناكة، ونييك، إلخ. وفي القبطية اللهجة الفيومية: نويك، وفي اللهجة أخميمية: ناييك، وفي اللهجة الصعيدية: نايك
هذا اللفظ المصري الأصيل استخدمه أجدادنا في حياتهم اليومية ولغة الأدب تعبيراً عن الفعل الذكوري سواء في وجود الأنثى أو الاستمناء، وظهرت كثيرا في النصوص الدينية المقدسة
كان هناك أكثر من تعبير عن العاهرة، فكان يطلق عليها " مست" وترجمتها الحرفية الصبية، او الوليدة، وكذلك اللفظ " خنمت" وهي مشتقة من الفعل يفرح، ينعش، لكنها تشير أيضاً إلى المرضعة سواء كانت أميرة أو ملكة أو ربة
وكذلك أطلق علي العاهرة اللفظ: تاحوت وهو في الواقع لفظ من ألفاظ السباب القبيحة أعتقد أنها على صلة بالكلمة التي تشير لخميرة البيرة التي تترسب في قعر الجرار، فربما كان معناها المرة القعر، كذلك كان يطلق لفظ " كات" بمعنى عاهرة لكنة أطلق أيضاً على فرج الأنثى، فقد ورد في إحدى البرديات الطبية " شساو ست حر من كات س " علاج لمن يؤلمها فرجها، الطريف أني اكتشفت أن الكلمات المعبرة عن العاهرة، مست و خنمت و تاحوت و كات تشير أيضا للغذاء الأساسي للمصريين وهو الخبز لكن طبعا بتغير العلامة المعبرة عن المعنى
أما كلمات السباب ذات المدلول الجنسي نجد منها:حم: خول
نكو: داعر
مكيت من الحجر الجيري يصور وضعا جنسيا من العصر البطلمي
محفوظ بمتحف بروكلين في نيويورك
آلهة الجنس والخصوبة
أوزير: إلى جانب كونه إلهاً للعالم الأخر وسيد الغرب وسيد الخلود، فهو رمز الخصوبة ويظهر ذلك لنا أول ما يظهر في مستويين في الأسطورة الأوزيرية، المستوى الأول عندما جمعت إيزيس أشلاء زوجها أوزير ولم يكن بينها العضو التناسلي لأن السمك كان قد ألتهمه، فعجنت له عضو بديل منتصب وضاجعته وحبلت منه وجاء للوجود حورس وريث العرش الأسطوري لمصر، لذا تصوره الرسومات في صورة مومياء بعضو ذكورة منتصب
المستوى الثاني أن أحد أسباب الصراع الدامي بين أوزير رب الخير والنماء والخضار والخصوبة وست رب الصحراء والجدب والأجواء المتقلبة أن الأخير قد دخل على زوجته نفتيس فوجد على فراشة حزمة من البرسيم والتي تشير ميثيولوجيا إلى الخصوبة فعرف أن زوجته قد عاشرت أوزير وفيما بعد نعرف أنها أنجبت " أنوبيس" وتخلصت منه خوفا من ست لكن إيزيس تبحث عنه وتجده وتربية وهو الذي سيكفن أبيه أوزير فيما بعد فأصبح حاميا للجبانات
أما على مستوى الطقوس فقد اعتاد المصريون عمل تماثيل على هيئة مومياء اوزير بخليط من الطين والقمح وربما حبوب أخرى، وفي الربيع يتفجر هذا الخليط خضارا ويحتفل بعيد الربيع حيث الخروج للأماكن المفتوحة ، ومازلنا نحافظ على جزء من هذه الطقوس في أعياد شم النسيم وهو دوما يتلي عيد القيامة، الذي كان في الأصل قبل ظهور المسيحية عيد لقيامة أوزير في الربيع وامتصته المسيحية فيما امتصته من طقوس عدة
بس: قد يبدو من ملامح الإله بس أنه أفريقي المنشأ، فهو بوجه أقرب للأسد وبلحية كثيفة وشعر غزير وزيل طويل، هو أولا حامي من الثعابين والأشباح لكنه أيضا إله الطرب والفرح والمتعة، انتشرت عبادته في أنحاء حوض الأبيض المتوسط في العصر الهيليني
مين: معنى الاسم غير معروف، يصور واقفا في هيئة أوزيرية منتصب العضو الذكري وأحيانا ممسا به بيده اليسرى، وأحيانا يصور وهو يرفع يده اليمنى هو إله الخصوبة والفحولة الجنسية، عندما دخلت بعض الآلهة السورية مصر ومنها ربة الجنس والخصوبة " قادشو" تمت المزاوجة بينهما
حتحور: هي من أقدم الربات في مصر، ظهرت بعدة صور منها في هيئة نوت ربة السماء، وهي أم وزوجة حورس حتى أن اسمها والذي يتكون من مقطعين يشير لذلك " حت" أي بيت، و " حور" أي حورس أي انها بيت حورس أي السماء، هي أيضا ميثولوجيا أبنة إله الشمس " رع" ، صورت في الغالب في هيئة بقرة أليف لكنها صورت أيضا في هيئة بشرية، هي ربة النساء، والتي ترعى شئونهن الجنسية وتنميها، هي باختصار الرمز النسوي في الخليقة، من أسمائها: ربة العضو الجنسي النسوي (فاجينا)، وتستدعى للتبارك بها أثناء ممارسة الجنس والحمل والولادة
قدشو: ربة سامية عبدت في سوريا وفلسطين معنى الاسم الأرامي: المقدسة، دخلت هذه الربة مصر مع أفواج المهاجرين من سوريا وقدست في الدلتا كربة للخصوبة وساوى المصريون بينها وبين حتحور
باستت: الربة صاحبة وجه الهرة، كان محل عبادتها تل بسطة الذي مازال يحمل في اسمه بصمتها، وكانت تقام فيها الاحتفالات في معبد الربة حيث الرقص والشرب وممارسة الحب وفقا لرواية هيرودت الذي زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد لكن لا دليل على صحة أقواله
أخلاقيات الجنس
في نص جميل وصلنا من عصر الدولة الحديثة، لكاتب يدعى " آني" ينصح فيه أبنه " خنسو حتب" بالعديد من النصائح العامة جاء فيها عن العلاقة مع الأنثى
احترس من المرأة الغريبة التي لا يعرفها أهل بلدتها، لا تغازلها ولا تضاجعها، فهي كالبحر العميق لا يعرف الرجال مساراته. أما المرأة البعيدة عن زوجها التي تقول لك يوميا " أنا جميلة" عندما تكون بعيدة عن أعين الناس ستجيئك لتوقعك في حبائلها، احترس فهذه خطيئة
ومن نصائح بتاح حتب التي صاغها لأبنه في عهد الملك اسيسي، نجده ينصحه بكيفية التعامل مع الزوجة: تزوج، واجعل زوجتك سيدة قلبك، اشبع بطنها واكسيها، والزيت يحمي أعضائها، أسعد قلبها طول الحياة فهي حقل خصب لبعلها ... .. وإذا كنت تريد الصداقة في بيت دخلته سيدا أو خادما فلا تقترب من نسائه
المتحف المصري، القاهرة
الجنس في الأساطير المصرية
من مجموعة برديات كستر بيتي التي اشتراها من أحد أهالي البر الغربي في طيبة عام 1928، واحدة منها دون عليها قصة الصراع بين أوزير وست ومواصلته على يد إيزيس وحورس لينتقم من قاتل أبيه ويستعيد عرش البلاد، وتحاول إيزيس بالحيلة أن تستدرج حورس للاعتراف بحق حورس في عرش مصر، بان غيرت هيئتها في صورة انثى لعوب وما أن شاهدها ست حتى أخرج عضوه وبدأ في الاستمناء. وبعد عدة لقاءات بين حورس وست مع تاسوع هليوبوليس، يبدأ عهد السلام بينهما
هنا يقول ست لحورس: تعال معي لنقضي يوما سعيدا في بيتي
وعندما جاء الليل ناما، وفي الظلام دس حورس عضوه التناسلي بين أرداف حورس، لكن في اللحظة المناسبة يستطيع حورس مد يده بين فخذية ويتلقى السائل المنوي في يده، ويذهب حورس شاكيا لأمه. فقطعت إيزيس يد حورس وألقت بها في النهر، وصنعت له يداً بديله، ثم وضعت نوع من الزيت على عضو الذكورة لحورس ودهنته حتى انتصب وأخذت سائله المنوي ووضعته على الخس الذي يأكل منه ست، وبذلك دخلت نطفة حورس في جوف ست والتي ستخرج من رأسه فيما بعد على هيئة قرص الشمس
في قصة الأخوين من الدولة الحديثة هناك مشهد غير مفهوم بالمرة
الفتى " باتا" الهارب من أخيه بعد أن ادعت زوجته بأنه حاول الاعتداء عليها، لكنه في طريق هروبه يشبك قلبه في أعلى زهرة في شجرة أرز، ثم تهبه الآلهة رفيقة جميلة، احبها كثيرا
وذات يوم قال لها: لا تخرجي حتى لا يخطفك البحر، لأني مثلك بلا عضو ذكورة ولن أستطيع نجدتك، فإن قلبي في أعلى زهرة في إحدى شجرات الأرز حتى الآن غير مفهوم العلاقة بين عضو الذكورة والقلب
من كتاب الموتى في الفصل السابع عشر نقرأ: أنا اعرف ذلك الإله العظيم- من هو؟هو أوزير، وفي قول آخر: رع هو اسمه، المقدس من رع هو اسمه هو العضو التناسلي لرع الذي به أضجع مع ذاته
وقد استخدمت كلمة ناك للتعبير عن المقصود، أما تعبير أضجع مع ذاته فهو تعبير عن الاستمناء الذي قام به رع لبداية عملية الخلق، فهنا يتم التوحيد بين خبرو أحد الآلهة التي تجسد الشمس الوليدة كل صباح وبين رع: توحدت مع يدي وعانقت ذاتي بحب وقذفت بسائلي المنوي في فمي وبصقت لي أبناء شو وتفنوت.كما أن هناك نص آخر يشير إلى أن المصريين جاءوا من دموع حورس، أما الزنوج فقد استمنى حورس من أجل وجودهم، ربما كان الخط الرابط بين الحكايتين يكمن في كون فكرة الخلق بالاستمناء هي فكرة أفريقية الأصل
جاء أيضا في الفصل رقم 125 وهو فصل الاعتراف السلبي وفيه ينفي المتوفى قيامة بالمعاصي، ومن هذه المعاصي بالطبع الجنس غير الشرعي، وهنا استخدم النص لفظ " ناك " الذي أشرنا إليه
الطريف أن في البرديات التي كتبت لسيدات حافظت على نفس التعبير، وهنا يكمن سؤال هل هذا التعبير " ناك" كان يستخدم للجنسين، أم هي قيود النص الديني؟
جنس بلا حمل؟
من الأمور التي بدت محيرة لي وأنا أتناول موضوع الجنس في مصر القديمة هو لجوء المصريين إلى وسائل منع الحمل وخاصة وأن عدد السكان كان منخفض بالقياس لمساحة الأرض الخصبة ولكمية العمل المطلوبة سنوياً إلى جانب مظاهر الرخاء الذي تمتعت به مصر آنذاك
ولا يبقى لي سوى التخمين حيث لم تذكر المصادر سبب اللجوء لتلك الوسائل، فربما كانت الوصفات لمن تعاني مرضا ما حيث يشكل الحمل خطراً عليها، او ربما للحفاظ على جمال الجسم، أو ربما كانت هذه الوصفات للعاهرات حتى لا يتوقفن عن استقبال الرجال، أو خادمات المعبد ورغم ذلك تؤكد البردية على ان الوصفات لسيدات حرات ومتزوجات
فمثلا من بردية إبرس رقم 783، نقرأ الفقرة التالية: " بداية العلاج الذي سيقوم به المرء للزوجة لكي تتوقف المرأة عن الإنجاب لمدة عامين أو ثلاث أعوام: يُطحن البلح والحنظل والكافور في إناء من الفخار ثم يعجن (الخليط) مع عسل النحل وفتائل من الكتان، ليوضح داخل عضو المرأة
ومن بردية برلين رقم 192 نتعرف على وصفة أخرى لا نعتقد في نجاحها: يجب أن تبخر الرحم بحبوب الشعير، وحتى لا يصل السائل المنوي له يطبخ قليل من الزيت وقليل من الكرفس وقليل من البيرة المحلاة لتشربه صباحا
أخيرا كان المصري يقبل على اكل الخس البلدي في الربيع لاعتقاده بقدرة هذا النبات في مده بالطاقة الجنسية